مرة أخرى ها أنا أعود كي أشرّق وأغرّب بما آتاني الله من حرف ,
منذ زمن لم تستأذنني العواصف التي بداخلي كي تكون سطرا على ورق وترتاح مني ,
طال العهد بتلك الأعاصير حتى ظننت أن أفكاري هجرتني كي تعيش في رأس من هو أبلغ مني ,
عبثا كنت أرسل صوتي للنداء عليها كل مساء وأصمّ أذاني خوفا من أن يعود لي رجع صوتي ,
صوت الصدى تابعني كثيرا حتى بات شبحا يفزعني ,
طرق سمعي كثيرا حتى فكَّ اللحام من شدَّة الطرق ,
منذ تلك الليلة وأنا أهرب من أي بقعة فراغ هرب المغشي عليه من الموت , وأهرب من كل ما يمت للصدى بصلة .
يتكرر المشهد كل ليلة عدة استجداءت و لا أثر للحرف ,
فأهرع لحيلة الضعفاء و أحشوا وسادتي بما أوحى إلي من ألم ,
ثم اكتب على ورقتي اليابسة
“لا بأس ..
هذا مساء مضرّج بالغياب وغدا صبح وهطول وظل وارف ” ,
بعد ذلك كله يخيل لي أن سألقي بالحزن جانبا ,
ثم أنام وفي أذني قرع نعال الكلمات وهي تولي عني مدبرة ,
ثم إني أرى فيما يرى النائم أني أعاتبها على الصدّ وأنكر عليها الجحود وأذكرها بأيمان الوفاء التي نقضتها ومضت ,
ما الانتظار يارب , ما الذي أودعته في قلب أصفيائك حتى صار لهم جلدا عليه ؟
هل أخبرهم أني ما عدت أكتب , أم أعود لسابق حرفي وأعيش بين ذراعيه ,
وأكمل بقية عمري وأنا أحمل لقب ” كاتب سابق ” ,
افتضح أمري وباتت أرضي القاحلة مزارا للمارين ,
كنت كشيخ أموي ضلَّ الطريق , وبات يستمطر التاريخ كل مساء يحكي أساطير دمشقه الغائب
ويقسم لمن حوله أن الكذب لا يعرف له طريقا و أنه رآها رأي العين , حتى حوقل من هم حوله وتركوه يهيم وحيدا , و
أدنيت مني القمر كي يكتب معي فاستأذنني القلب كي يكتب ,
لأول مرة أُدركُ أنه أحق بالكتابة من يداي الخائبتين ,
أخبرت القلب أن لا يسرف في الحديث وأن لا يحقرن من الحرف شيئا ,
وعندما همّ بالإفصاح , لم يجد لأيام صبره وحزنه وتجلده شيئا يذكر ,
أجهش ذلك القلب وقال : أيها الكاتب السابق ,
خذني إلى ربك واتركني عند بابه ثم خذ أمتعتك عني وارحل ,
أيها الشاعر,
ما حيلتك ترتجي وصل الكلمات والقوافي وتذرني استجدي الأبواب بحثا عن ما أسد به الظمأ والرمق ,
ما حيلتك ترتجي وصل الأرض وتنسى وصل السماء ,
آه منك أيها الشاعر كم تتعبني , كم تضيق علي الخناق , حتى كدت أن تخلص على آخر نفس لي ,
أيها الشاعر دونك المحراب !
فقلبك ومحرابك نفس واحدة لاتفترق أبدا
فإذا هجرت محرابك دفنت قلبك معه .
– انتهى حديث القلب –
و لم ينم الشاعر بعد تلك الليلة .
تمت
الكويت
17-2-210
اسمحي لي بمطالبتك المزيد فشوقي لك ولقلمك اقوى من ان تجمعه الحروف ..
ليس لي حق الرد فهناك مااعمى ذخيرة الكلمات عندي ..
دمتِ قريرة العين صديقتي مريم ..
يااااااه يا مريم .. يا لهذا الحرف
أتذكرين فاطمة كانت تقرؤك قبل عام ربما أو ..؟؟
أكره العوارض التي تمنعني من هذا البذخ
دمت ِ مبدعة .. ودمتُ أقرؤكِ
تحيتي لك وسنة حلوة
فاطمة ,
أهلا بك وبرياحك التي لا تأتي إلا بخير .